سورة الإنشقاق


سورة الإنشقاق

سورة مكية

عدد آياتها:25

سبب التسمية:

لقوله تعالى (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) أي تصدرت وتحقق مؤذن بخطاب العالم ومنذرة بقرب يوم القيامة.


ما اشتملت عليه السورة:هذه  السورة كسائر السور المكية تدور حول شؤون العقيدة وتصوير أهوال يوم القيامة

1- وقد بدأت ببيان التبادلات الكونية الخطيرة عند قيام الساعة (1_5)

2- ثم وصفت حال الإنسان في موقف القيامة  والحساب وانقسام الناس فريقين :
 أهل اليمين وأهل الشمال:
(6_15)

3- أما أقسم الله بالشرق والليل والقمر على مباراة المشركين في القيامة أهوالا شديدة (16_19)

4- ثم ختمت بتوبيح المشركين والكفار والملاحدة وأمثالهم على عدم إيمانهم بالله تعالى وبإنذارهم  بالعذاب الأليم ، والتنبيه على نجاة المؤمنين الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح.ومنحهم الثواب الدائم الذي لا ينقطع (20_25)

محور الآيات:
(1_15)


يدور حول وصف أهوال يوم القيامة
وانقسام الناس فريقين.
ما دلت عليه الآيات:

1- من علامات القيامة  :

أولا_ تصدع السماء وتفطرها بالغمام

ثانيا_ بسط الأرض ودك جبالها، وإخراج أمواتها وتخليها عنهم
(وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4)
وكل من السماء والأرض تصغى وتنقاد وتخضع لأمر ربها وحق لها أن تسمع أمره (وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ)

2- يكدح كل إنسان ويتعب في حياته، ثم يرجع يوم القيامة بعمله إلى ربه رجوع لا محالة، فملاق ربه، أو ملاق عمله.

3- الناس فريقين يوم القيامة:

سعداء مؤمنون
 وأشقياء كفار

أما الفريق الأول:
فهم الذين يعطون كتب أعمالهم بأيمانهم،
ويعرضون على ربهم عرضا لا مناقشة فيه، ويتجاوز الله عنهم ويرجعون إلى عشيرتهم مسرورين.

فاللهم اجعلنا منهم.

وأما الفريق الثاني:
فهم الذين يتناولون كتب أعمالهم بشمائلهم مباشرة أو من وراء ظهورهم، فينادون الهلاك على أنفسهم فيقول الواحد منهم يا ويلاه ، يا ثبوراه،
والثبور هو الهلاك والخسارة ثم يدخلون النار حتى يصلوا حرها.

 وسبب خسارة هذا الفريق هو:
البطر في الدنيا
وإنكار المعاد والحساب والجزاء والثواب والعقاب والله خبير بهم، عليم بأن مرجعهم إليه .
4-إنه ظن أن لن يحور؛ أي إنه ظن أنه لن يرجع إلى ربه.
رد الله بقوله تعالى (بَلَى)
أي ليبعثن: وهذا دليل على الجزم بوقوع البعث، وأنه دار العدل المطلق الذي ينال فيه كل إنسان جزاء عمله خيرا أو شرا.

الأعمال:
1- أكثر من الأعمال الصالحة فهي الباقية،
روي أبو داود عن جابر بن عبد الله قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال جبريل:يا محمد عش ما شئت فإنك ميت؛ وأحبب ما شئت فإنك مفارقة ؛ واعمل ما شئت فإنك ملاقيه"
2- اسأل الله في سجودك اللهم ادخلني الجنة بلا حساب وبلا سابقة عذاب.
روي أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير
عن عائشة رضي الله عنها قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من نوقش الحساب عذب، قالت:فقلت:أليس الله تعالى قال: (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا)؟ قال:ليس ذاك بالحساب ، ولكن ذلك العرض، ومن نوقش الحساب يوم القيامة عذب "
3-  كوني من الذين يخافون في الدنيا من ذلك اليوم ولا تكوني من أهل السرور والضحك فيها

قال ابن زيد :وصف الله أهل الجنة بالمخافة والحزن والبكاء والشفقة في الدنيا، فأعطاهم به النعيم والسرور في الآخرة
 وقرأ قوله تعالى:(إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين، فمن الله علينا ، ووقانا عذاب السموم)

انتهى الدرس حبيباتي



سورة الانشقاق

محور الآيات:
 (25-16)

يدور حول تأكيد وقوع القيامة وما يتبعها من أهوال.

ما دلت عليه الآيات:

1- أقسم الله
بالشفق وهو:
حمرة السماء التي تكون عند مغيب الشمس حتى تأتي صلاة العشاء،
وبالليل وما جمع وضم ولف،

وبالقمر إذا اجتمع وتم وتكامل وصار بدرا  في منتصف كل شهر قمري ،
أقسم بهم على وقوع البعث والقيامة  وما يتبعها من أهوال شديدة وعظيمة.
2- وجواب القسم:( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) أي لتصادفن أحوالا بعد أحوال، وهي طبقات في الشدة ، بعضها أشد من بعض، وهي الموت وما بعده من مواطن القيامة وأهوالها، ثم يكون المصير الأخير:الخلود في الجنة أوفي النار.
نسأل الله السلامة

3- ثم أنكر الله تعالى على الكفار استبعادهم البعث،
فقال :
(َفمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)أي فأي شيء يمنعهم عن الإيمان بصحة البعث والقيامة، وبمحمد صلى الله عليه و سلم؛ وبما جاء به من القرآن ، مع وجود موجبات الإيمان بذلك  من الأدلة الكونية الدالة على قدرة الله على كل شيء، والمعجزات الظاهرة على صدق النبي صلى الله عليه و سلم وصدق  الوحي القرآني المنزل عليه. (َفمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)

4- (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ).أي وأي مانع لهم من سجودهم وخضوعهم عند قراءة القرآن الذي دل إعجازه على كونه منزلا من عند الله تعالى؟ !!

ويكون سجودهم إعظاما وإكراما واحتراما لآي القرآن بعد أن علموا كونه معجزا، وهم أرباب الفصاحة والبلاغة.

وقد احتج أبو حنيفة رحمة الله بالآية على وجوب السجود ، فإنه ذم لمن سمعه ، ولم يسجد

5- ثم أبان الله تعالى سبب عدم إيمانهم بالله تعالى ورسوله واليوم الآخر:
فقال (َبلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ) أي والواقع أن الكفار يكذبون بالكتاب المشتمل على إثبات التوحيد والبعث والثواب والعقاب،
إما حسدا للرسول صلى الله عليه وسلم،
وإما خوفا من ضياع المنافع والمراكز والمناصب،
وإما عنادا والرغبة في تقليد الآباء والأجداد .
ولكن الله سبحانه عالم بما يضمرونه في أنفسهم من التكذيب والشرك والعناد وسائر العقائد الفاسدة والنيات الخبيثة، فهو يجازيهم على ذلك.

6- صرح الله بوعيدهم فقال لنبيه:( َبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) أي موجع في جهنم على تكذيبهم
وجعل ذلك بمنزلة البشارة تهكما واستهزاء بهم.

7- استثنى الله تعالى من الوعيد السابق الذين صدقوا اللّه ورسوله بشهادة أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله، وعملوا الصالحات وأدوا الفرائض المفروضة عليهم ، فلهم ثواب غير منقوص ولا مقطوع، ولا يمن عليهم به ،
.
سبحانه هو الشكور.

الأعمال:
1- جمهور العلماء على أن هذه الآية:
( وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ)
هي موضع سجدة تلاوة
بدليل في الصحيح عن أبي هريرة أنه قرأ:
(إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) فسجد فيها ، فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها.
2-  اجعلي لسانك دائما رطب بذكر الله،
كلما كان العمل أحب إلى الله كان أثقل في الميزان، وإذا ثقل الميزان بالعمل الصالح ، أفلح العبد ونجح
وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأعمال أنها ثقيلة في الميزان ،
فمن ذلك:
حسن الخلق وذكر الله

مدح النبي صلى الله عليه و سلم حسن الخلق فقال:"إن أثقل شيء يوضع في ميزان العبد يوم القيامة خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء" رواه الترمذي
وقال:حسن ص.النبي صلى الله عليه و سلم يقول"ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها  في درجاتكم وخير لكم من انفاق الذهب والفضة ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ ؟
قالوا: بلى
قال:  ذكرالله تعالى.
رواه أحمد والترمذي.

3- من اتباع خطوات الشيطان فإنه يتدرج مع العبد حتى يضله ويجره من معصية إلى معصية أكبر منها.
حتى ربما أوصل بعضهم للشرك وهي خطوات نهايتها النار.

4- احرص أن يكون لك ورد يومي من القرآن  تعيشي فيه مع تدبر الآيات
لا تضيعيه مهما كانت مشاغلك .
فإن القرآن يشفع لصاحبه.

انتهی الدرس حبيباتي

          
سورة الانشقاق

﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾

(إذا): أداة شرط

﴿.. انْشَقَّتْ﴾ أي انفطرت
كما في قوله تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾
 الإنفطار(1)
أي انشقت فهما بمعنى واحد. وخير ما يفسر به القرآن هو القرآن.

والمقصود بـ ﴿ انْشَقَّتْ ﴾ أي تصدعت، وتمزقت. فهذه السماء المحكمة التي تحدى الله تعالى بها الخلق  أن يجدوا فيها أدنى فطور، تتمزق يوم القيامة.


د.أحمد بن عبد الرحمن القاضي
 
أفلا يتدبرون


﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾
سورة الانشقاق:2

أي سمعت.

والإذن هو السماع،،،
ومنه قول النبي : (مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ.)
متفق عليه.
 فمعنى أذن: أي استمع.

و أذنت لربها: أي سمعت وأطاعت،،،

لأن السماع نوعان:
سماع إدراك،،،
وسماع إجابة، وطاعة.

فالمقصود هنا سماع الإجابة، والطاعة.


د. أحمد بن عبد الرحمن
القاضي 

أفلا يتدبرون

﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾
سورة الانشقاق:2


﴿حُقَّتْ﴾ يعني: وحق لها أن تطيع
 
ذلك أن السموات، والأرضين، والجبال، طاعتها لله عز وجل طاعة كونية

 
بينما الإنسان طاعته لله عز وجل طاعة كونية وشرعية.
وهذا معنى قول الله تعالى : ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾ الأحزاب (72)
وليس معنى ذلك أن السموات، والأرضين، والجبال، أبت أن تطيع الله،
فالمقام مقام عرض، لكنها لا تطيق حمل الأمانة.
وهي منساقة لأمر الله الكوني، دون الشرعي.
﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾ لأن الله تعالى أعطاه الاختيار، ولأجل ذلك صار مبتلى بامتثال الشرع، ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ الأحزاب (72)

ليس معنى أن طاعة السماوات، والأرضين، والجبال لأمر الله هي طاعة كونية أن هذه المخلوقات لا حقيقة لها، تخاطَب بهابل يتوجه إليها الخطاب، وترد الجواب، على ما يليق بها

 
قال الله تعالى مخاطبا إياها: ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ فصلت (11)
 فهذا يدلنا على أن لهذه المخلوقات ذات  تعبر عنها، لا ندرك كيفيتها، ولا حقيقتها، وتسمع، وتطيع، وتستجيب لأمر ربها، وتسبح بحمده ﴿...وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ...﴾
الإسراء (44)
فهذا أمر ينبغي أن يؤمن بجملته، وإن لم تدرك تفاصيله.


د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
 
أفلا يتدبرون



﴿ وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ﴾
[
سورة الانشقاق:3

انتقل المشهد من أعلى إلى أسفل

هذه الأرض التي يدب عليها الإنسان، ويحرثها، ويزرعها، ويعيش في أكنافها، تتغير يوم القيامة،
﴿وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ﴾: أي زيد في سعتها، وبسطت، ومدت مد الأديم

فالله تعالى يغير السموات والأرض يوم القيامة، كما في قوله: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ إبراهيم (48)

الأرض التي كانت كروية، تبسط يوم القيامة، وتمد، ويزاد في سعتها، لتستوعب جميع الآدميين، والوحوش، وكل شيء كان على ظهرها، على مر القرون.

ومن معنى المد أنه ليس فيها معلم لأحد، بل هي كالخبزة،
كما روي عن سهل بن سعد الساعدي، رضي الله عنه، في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾
 (تفسير ابن كثير)،
أرض جديدة، لم يسفك عليها دم.

قد أعاد الله تكوينها؛ فليس فيها جبل مشرف، ولا واد سحيق، ولا مغارات، ولا كهوف، ولا كثبان, بل هي أرض ممدودة، ليحصل البروز التام لله عز وجل ﴿...وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ إبراهيم (48)


د. أحمد بن عبد الرحمن
القاضي
 
أفلا يتدبرون
وقوله تعالى: {وحقت}، قال ابن عباس وابن جبير معناه: وحق لها أن تسمع وتطيع،

ويحتمل أن يريد: وحق لها أن تنشق لشدة الهول وخوف الله تعالى،

ومد الأرض: هو إزالة جبالها حتى لا يبقى فيها عوج ولا أمت فذلك مدها.

 ابن عطيه

افلا يتدبرون

﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾
سورة الانشقاق:4


 
يعني قذفت ما في بطنها من الأموات، وغيرهم.
و(ما) من ألفاظ العموم، لأنها بمعنى اسم موصول.

﴿وَتَخَلَّتْ﴾: أي تخلت عنهم،،،
 
فكأن هذه الأرض تخرج ما في جوفها من الأموات، وغيرهم مما لا يعلمهم إلا الله. والمراد، إخراج الأموات، وإثبات البعث.

د. أحمد بن عبد الرحمن
القاضي
أفلا يتدبرون

(إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)

تأمل أيها الآدمي البشري الضعيف كيف كانت هذه المخلوقات العظيمة تسمع وتطيع لله عز وجل ، وهذه الطاعة العظيمة في ابتداء الخلق وفي انتهاء الخلق .
في ابتداء الخلق قال :
" ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين"
وفي انتهاء الخلق قال :
(إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2)
 حق لها أن تأذن تسمع وتطيع .
ابن عثيمين
أفلا يتدبرون

﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾
سورة الانشقاق:6


 فليعلم الإنسان أن الكدح لابد منه،،
 وأن الدنيا ليست بدار نعيم،،،

 
فإن كنت لابد كادحًا،،،
 فاجعل كدحك فيما تحمد عاقبته في الآخرة.


  
وهاهم الكفار على اختلاف مللهم، يلحقهم من الشقاء، والنكد، والكبد، مثل ما يلحقنا أيضا، وأشد،،،
 لكن فرقُ ما بين المؤمن والكافر، أن المؤمن يرجو ما عند الله ويحتسب، ويعمل عملا صالحا.


د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
 
أفلا يتدبرون


 ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾
سورة الانشقاق:6


الكدح: هو العمل الذي فيه مشقة واتصال،
 فأنت أيها الإنسان في هذه الحياة تكدح كدحًا شاقًا متواصلاً يوشك أن تلاقيه،
 وللمفسرين قولان في مرجع الضمير في قوله ﴿فَمُلَاقِيهِ﴾،
  
منهم من قال أن مرجع الضمير إلى العمل أي: فملاقى ذلك العمل، الذي كدحت فيه, ويشهد له قول الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ..﴾
آل عمران (30)
ومنهم من قال: إن مرجع الضمير إلى اللهوهذا الثاني أرجح.

وبين المعنيين تلازم؛
 فإن هذا العمل يُكدح به إلى الله، فيخلو الله تعالى بعبده، ويوقفه على عمله، فيحصل اللقاء.
 
وقد ذكر الشيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، أن الملاقاة فيها معنى السير إلى الملك، فلا تكون ملاقاة إلا بسير وقصد.


د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
أفلا يتدبرون

 عن عائشة، رضي الله عنها، سمعت النبي
يقول ( مَنْ حُوسِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ )
فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾

سورة الانشقاق:8
 
فَقَالَ: « لَيْسَ ذَاكِ الْحِسَابُ، إِنَّمَا ذَاكِ الْعَرْضُ.مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ»
 متفق عليه

وذلك أن الموحدين على صنفين؛
 منهم من سبقت لهم من الله الحسنى، وشاء الله تعالى، أن يغفر ذنوبه، فهذا يعامل بالعرض.
 ومنهم من عصاة الموحدين، من يدقق معه، ويحقق، وسبق في مشيئة الله أن يُعذَّب بقدر ذنبه، ومآله إلى الجنة، فهذا الذي يعامل بالمناقشة
 فمن نوقش عُذِّب، لأنه ما دقق معه في الحساب، إلا لتقوم عليه الحجة التامة، لكن مآله إلى الجنة


د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
أفلا يتدبرون


قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً)

 
أي وهناك في موقف الحساب، يؤتى كل إنسان كتابه:

(وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)
 الإسراء : (13-14 )

فأما من أوتى كتابه بيمينه، فهو من أهل السلامة والنجاة. إنه يحاسب حسابا يسيرا، لا رهق فيه، لا عسر.. فما هو إلا أن يعرض في موقف الحساب، حتى يخلى سبيله. ففترة العرض والانتظار، هى هذا الحساب اليسير.

التفسير القرآني للقرآن

افلا يتدبرون
(وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً)

 أزواجه في الجنة من الحور العين مَسْرُوراً أي مغتبطا قرير العين. ويقال إنها نزلت في أبي سلمة ابن عبد الأسد، هو أول من هاجر من مكة إلى المدينة

وقيل: إلى أهله الذين كانوا له في الدنيا، ليخبرهم بخلاصه وسلامته. والأول قول قتادة. أي إلى أهله الذين قد أعدهم الله له في الجنة

القرطبي.
افلا يتدبرون

          
انتهى الدرس حبيباتي     

سورة الانشقاق

﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِه (10) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُورًا(11)
سورة الانشقاق

  
كما أنه جعل كتاب الله وراء ظهره في الدنيا،،،،
جعل الله كتاب عمله وراء ظهره في الآخرة، خزيًا وعارًا.

 ابن عثيمين، شرح عقيدة أهل السنة والجماعة 
أفلا يتدبرون

﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ﴾
سورة الانشقاق:10

 
وقال في سورة (الحاقة)
﴿..بِشِمَالِهِ.. ﴾
(الآية 25)
 
ولا تعارض بين الصورتين،،،

  
ذلك أن الكافر والعياذ بالله تُغل يمناه إلى عنقه، وتلوى يده اليسرى من وراء ظهره، ويؤتى كتابه بشماله.

  
وفي هذا من البشاعة، والشناعة، ما لا يخفى. وفيه ازدراء له واحتقار.


د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
أفلا يتدبرون
(إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14)
َ
ثم ذكر اللّه تعالى سببين لعذاب الكافر وهما:

1- إنه كان في الدنيا فرحا بطرا، لا يفكر في العواقب، ولا يخاف مما أمامه، وإنما يتبع هواه، ويركب شهواته، تكبرا، لأنه لا يؤمن في الواقع بالآخرة، كما بان في السبب الثاني.
2- إن سبب ذلك السرور والبطر: ظنه بأنه لا يرجع إلى اللّه تعالى، ولا يبعث للحساب والعقاب، ولا يعاد بعد الموت.
الوسيط

افلا يتدبرون

(فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18)لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)
 
سورة الانشقاق

هذه الجملة مكونة من
 
قسم،،،،
ومُقسم به،،،،
ومقسم عليه،،،،
ومُقسِم،،،


فالقسم في قوله: (لا أقسم بالشفق)  قد يظن الظان أن معنى (لا أقسم) نفي، وليس كذلك بلهو إثبات،،،
و(لا) هنا جيء بها للتنبيه، وأن القسم مثبت.

أما المقسَم به في هذه الآية فهو الشفق وما عطف عليه.

أما المقسم عليه فهو ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾.

أما المقسِم فهو الله عز وجل.

تفسير ابن عثيمين
 أفلا يتدبرون

(فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18)
سورة الانشقاق


 
إن قال قائل: لماذا يقسم الله على خبره وهو سبحانه الصادق بلا قسم؟

وكذلك لماذا يقسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على خبره وهو صادق بلا قسم؟


قلنا: إن القسم يؤكد الكلام،،، والقرآن الكريم نزل باللسان العربي وإذا كان من عادتهم أنهم يؤكدون الكلام بالقسم صار هذا الأسلوب جارياً على اللسان العربي الذي نزل به القرآن.


تفسير ابن عثيمين
 
أفلا يتدبرون
(فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18)لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)
 
سورة الانشقاق
 
(بالشفق) الشفق هو الحمرة التي تكون بعد غروب الشمس.
 وإذا غابت هذه الحمرة خرج وقت المغرب ودخل وقت العشاء، هذا قول أكثر العلماء.

(والليل وما وسق) هذا أيضاً مقسم به معطوف على الشفق، يعني وأقسم بالليل وما وسق وهذان قسمان،،،
(والليل وما وسق) الليل معروف،،،
(وما وسق) أي ما جمع،،،
 
لأن الليل يجمع الوحوش والهوام وما أشبه ذلك، تجتمع وتخرج وتبرز من جحورها وبيوتها، وكذلك ربما يشير إلى اجتماع الناس بعضهم إلى بعض.

(والقمر إذا اتسق) القمر معروف.
(إذا اتسق) يعني إذا اجتمع نوره وتم وكمل، وذلك في ليالي الإبدار.

فأقسم الله عز وجل،،،
( بالليل وما وسق) أي ما جمع.  وبالقمر لأنه آية الليل،،،

 
ثم قال بعد ذلك: (لتركبن طبقاً عن طبق) هذه الجملة جواب القسم.


 وهي مؤكدة بثلاث مؤكدات:
القسم ،،،
واللام،،،
ونون التوكيد.
والخطاب هنا لجميع الناس، أي لتتحولن حالاً عن حال، وهو يعني أن الأحوال تتغير فيشمل،،،
 
أحوال الزمان،،،
وأحوال المكان،،،
 
وأحوال الأبدان،،،
 
وأحوال القلوب،،،


 
الأول: أحوال الزمان تتنقل (وتلك الأيام نداولها بين الناس) آل عمران: (140.)
فيوم يكون فيه السرور والانشراح وانبساط النفس، ويوم آخر يكون بالعكس.

 الثاني: الأمكنة ينزل الإنسان هذا اليوم منزلاً، وفي اليوم التالي منزلاً آخر، وثالثاً ورابعاً إلى أن تنتهي به المنازل في الآخرة، وما قبل الآخرة وهي القبور هي منازل مؤقتة. فالمثوى الأخير في الآخرة إما جنة وإما نار.

 
الثالث: الأبدان يركب الإنسان فيها طبقاً عن طبق واستمع إلى قول الله تعالى: (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) الروم:(54)
أول ما يخلق الإنسان طفلاً صغيراً، ثم لايزال يقوى رويداً رويداً حتى يكون شاباً جلداً قوياً، ثم إذا استكمل القوة عاد فرجع إلى الضعف.
 
الرابع: حال القلوب وما أدراك ما أحوال القلوب؟
أحوال القلوب هي النعمة وهي النقمة، والقلوب كل قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء،،،
فتارة يتعلق القلب بالدنيا،
وتارة يتعلق بالمال ويكون المال أكبر همه،
وتارة يتعلق بالنساء وتكون النساء أكبر همه،
وتارة يتعلق بالقصور والمنازل ويكون ذلك أكبر همه،

وتارة يكون مع الله عز وجل ، دائماً مع الله يتعلق بالله سبحانه وتعالى، ويرى أن الدنيا كلها وسيلة إلى عبادة الله، وطاعته، فيستخدم الدنيا من أجل تحقيق العبودية لله عز وجللأنها خلقت له ولا تستخدمه الدنيا.


تفسير ابن عثيمين
أفلا يتدبرون


انتهی الدرس حبيباتي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق