سورة الضحی


    سورتنا اليوم هي سورة 
"لمسة من حنان، ونسمة من رحمة، وطائف
من وُدٍّ، ويد حانية تَمسَح على الآلام
والمواجع، وتَنْسَم بالروح والرضا والأمل،
وتَسكُب البَرْدَ والطمأنينة واليقين".
فهل عرفتم عن أي سورة نتحدث إنها           
 سورة الضحی 
‏ التعريف بالسورة :
 #سورة مكية .
 #من المفصل .
 #آياتها 11 .
 #ترتيبها بالمصحف الثالثة والتسعون .
 #نزلت بعد سورة الفجر.
 بدأت السورة بقسم " والضحى والليل إذا سجى 
الجزء (30) ـ الحزب ( 60) ـ الربع ( 6(
محور مواضيع السورة :
يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ شَخْصِيـَّةِ النَّبِيِّ الأَعْظَمِ ، وَمَا حَبَاهُ الَّلهُ بـِهِ مِنَ الفَضْلِ وَالإِنْعَامِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؛ لِيَشْكُرَ الَّلهَ عَلَى تِلْكَ النِّعَمِ الجَلِيلَةِ.
سبب نزول السورة :
كان الوحي ينزل علی النبي صلی الله عليه وسلم ، وفجأة انقطع عنه، وبانقطاع الوحي أصابه غم وحزن شديد، وشعر أن الله تركه وكأنه قلاه، وتخلى عنه،
 فجاءت هذه السورة مبدوءة بقوله تعالى:
﴿ وَالضُّحَى*وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى*مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى
وفي الصحيحين وغيرهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتكى (مرضًا)، فلم 
يَقُم لليلتين أو ثلاثًا، فأتته امرأة 
(من المشركين) فقالت: ما أرى شيطانَك إلا تركك لم نَرَه قرُبك منذ ليلتين أو ثلاثًا، فأنزل الله تعالى: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}.

 محور الآيات من ( 1_5)
ابتدأت بالقسم على قدر منزلة رسول
الله صلى الله عليه وسلم و أن ربه لم يهجره
كما زعم كفار مكة ، قال تعالى :
( وَالضُّحَى {1} وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى {2} مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى {3} وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى {4})
بشرته بالعطاء الجزيل في الآخرة ،
وبيّنت ما أعدّه الله له من كرامات منها
الشفاعة العظمى ، قال تعالى:
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ {5} )
شرح الكلمات
والضحى  ( 1 )
) أقسم) بوَقت ارتفاع الشمس.
سجى  ( 2 )
سَكنَ أو اشتدّ ظلامه
ما ودّعك ربّـك ( 3 )
ما تـَـرَك منـْـذ اختارَك (جواب القسم(
ما قـلى ( 3 )
ما أبْغَـضَـك منذ ُ أحبّـك.
معاني الآيات 

 وَالضُّحَى ( 1 )
أقسم تعالى بالنهار إذا انتشر ضياؤه
وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ( 2 )
وبالليل إذا سجى وادلهمت ظلمته، على اعتناء الله برسوله صلى الله عليه وسلم .
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ( 3 )
أي: ما تركك منذ اعتنى بك، ولا أهملك منذ رباك ورعاك،
 بل لم يزل يربيك أحسن تربية، ويعليك درجة بعد درجة.
وَمَا قَلَى ) ك الله أي:
ما أبغضك منذ أحبك، فإن نفي الضد دليل على ثبوت ضده، 
والنفي المحض  لا يكون مدحًا، إلا إذا تضمن ثبوت كمال، فهذه حال 
الرسول صلى الله عليه وسلم الماضية والحاضرة، أكمل حال وأتمها، محبة الله له واستمرارها، وترقيته في درج الكمال، ودوام اعتناء الله به.
وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى ( 4 )
كل حالة متأخرة من أحوالك، فإن لها الفضل على الحالة السابقة.
فلم يزل صلى الله عليه وسلم يصعد في درج المعالي ويمكن له الله دينه، وينصره على أعدائه، ويسدد له أحواله، حتى مات، وقد وصل إلى حال لا يصل إليها الأولون والآخرون، من الفضائل والنعم، وقرة العين، وسرور القلب.ثم بعد ذلك، لا تسأل عن حاله في الآخرة، من تفاصيل الإكرام، وأنواع الإنعام، ولهذا قال :
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ( 5 )
أمر لا يمكن التعبير عنه بغير هذه العبارة الجامعة الشاملة.
وقفات مع الآيات 
 من الآية (1_5)

 ما هو أول ما لفت العرب من القرآن العظيم ؟
جرس القرآن وإيقاعه .
فهذه الآيات جاءت للمواساه ولذلك نجد أنها  تنتهي بالألف الممدوده الرخية الندية  لتتماشي مع المواساه.
وَالضُّحَى(1)
لماذا استخدام كلمة (والضحى) بدل من الفجر لأن
الفجر هو اول دخول وقت الفجر
(وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر) 
فالفجر بداية النور مصاحبه بقايا من الظلمة .   
  *** فتميز الضحی بثلاث 
*إشراق خالي من الظلمة.
*جو معتدل لا برد ولا حر .
*ليتماشی مع إيقاع المواساه .
وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى(2)
والليلِ وما فيه من سكون وهدوء وراحة وسكينة، والضحى والليل، وكيف أن الضحى لا تعرف قيمته إلا بالليل، وكيف أن الليل لا يُعرَف سكونه إلا بضجيج النهار وصخبه، واللهُ سبحانه وتعالى خلق من كل شيء زوجين اثنين .     
   لما أقسم الله بالضحی والليل ؟
             
أقسم الله سبحانه وتعالی بهما لنبيه المصطفى مؤكداً له أن صاحب هذا الفضل العظيم، وصاحب هذا الجمال الأخّاذ، وصاحب هذا اللطف المستديم لا يمكن أن يتركك، لا يمكن أن يتخلى عنك، لا يمكن أن يدعك بلا وحي، لا يمكن أن يأخذ بيدك في أول الطريق ثم يتركك.
 (مَا وَدَّعَكَ رَبُّك َوَمَا قَلَى)(3)
وهنا نقف ونسأل لماذا لم يقل الله وما قلاك ؟.
الجواب : لأن قلی بمعنی أبغض فلو جاءت مضافه إليها الكاف لأصبحت (أبغضك ) وهي لا تتناسب مع المآنسه .
وحتی لا تقترن كاف الضمير العائده علی رسول الله صلی الله عليه وسلم مع كلمة معناها بغض .
أما (ودعك ) أقترنت كاف الضمير مع
ودع لخلوها من معنی البغض .
(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌلَّكَ مِنَ الْأُولَى)( 4 )
أي: من الدنيا، وذلك لأن الاخرة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وموضع سوط أحدنا في الجنة خير من الدنيا وما فيها،
وكلمة الآخرة .. جاءت
 للمواساه وليس من أجل أن ينشأ معلومة عند رسول الله صلی الله عليه وسلم .
{ولسوف يعطيك ربك فترضى}( 5)
{ولسوف} اللام هذه أيضاً للتوكيد وهي موطئة للقسم، و{سوف} تدل على تحقق الشيء لكن بعد مهلة وزمن {يعطيك ربك} أي يعطيك ما يرضيك فترضى،
ولقد أعطاه الله ما يرضيه صلى الله عليه وسلّم، فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة مقاماً محموداً، يحمده فيه الأولون والاخرون، حتى الأنبياء وأولو العزم من الرسل لا يستطيعون الوصول إلى ما وصل إليه.
تذكر ..ثم ...اعمل   
# قد تَضيقُ عليك الدنيا، وربما يزدريك أهلُها، ويَحصُل لك من الشقاء والجفاء والعناء الكثير .
من  نذَر نفسه لله داعيًا ولدينه مناصرًا، وعلى منهجه سائرًا، 
فهو يستشعر معيَّة الله معه، ونُصرته له، وخيريَّته فيما اختار الله له.
التمكين من لوازمه البلاء والضُّر، 
فلا  يَسخَط ويتضرَّم ويشكو الله  بل صَبْر وتفاؤل،
مقاصد سورة الضحی :
أولهما: بيان منزلة النبي – صلى الله عليه وسلم – عند ربه، ومنة الله عليه.
ثانيهما: إعلاء القيم الخلقية.
بين المؤمن والكافر سوف 
فالكافر استعجل ، وأراد النتائج مباشرة 
المؤمن صبر ، وانتظر وعد الله عز وجل
عطاء الله العظيم لنبيه محمد صلی الله عليه وسلم والذي لم ينله أحد من الخلق وهي :
شفاعة المصطفی صلی الله عليه وسلم لنا يوم القيامة .
الربُّ الرحيم لن يترك دُعاتِه وأنصارَه حتى تتخطَّفهم الشياطين، وهم ملتزمون بنهجه، مُكثِرون من ذِكْره، تَلهَج ألسنتُهم بالاستغفار والدعاء والترتيل لآيات القرآن .
الدروس العملية 
حافظ علی صلاة ركعتين الضحی يوميا .
إستشعر بمعية الله في كل شيء.
احفظ وافهم واعمل بهذا الحديث جيدا 
  اعبدِ اللهَ لا تشركْ به شيئًا ، و اعملْ للهِ كأنَّك تراه ، و اعْدُدْ نفسَك في الموتى ، و اذكرِ اللهَ تعالى عندَ كلِّ حجرٍ و كلِّ شجرٍ ، و إذا عملْتَ سيئةً فاعْمَلْ بجنبِها حسنةً ، السرُّ بالسرِّ ، و العلانيةُ بالعلانيةِ
الألباني  - المصدر: صحيح 
إجعلي من الصبر حلية تزين أخلاقك.
وأجعل قدوتك رسول الله صلی الله عليه وسلم .
يا من تكثر  الطلبات بالدعاء والزواج وحل المشاكل ....الخ 
تذكر دوما قوله تعالی :
 (ولسوف يعطيك ربك فترضى)
تأمل الآية وستلقى فيها معاني الرحمه والحنان والعطف كفيله بمسح الالم .
المصادر 
التفسير .. السعدي .. ابن عثيمين 
الوقفات وتذكر .. د.احمد نوفل .. د.أحمد عبد الرحمن القاضي .والنابلسي .
الغزالي . الشعراوي 
محور الآيات من (11_6)
  ختمت بتوصيته  صلى الله عليه وسلم   
 بوصايا ثلاث :
العطف على اليتيم والرحمة بالمحتاج .
مسح دمعة البائس ،
وشكر الله تعالى على نعمه العظيمة  ،
قال تعالى:  ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ {9} وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ {10} وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ {11})
شرح الكلمات من ( 6_11)
ألمْ يَجدْك .( 6 )
ألمْ يَعْـلمْـك ربّـكَ - قَدْ عَـلِـمَك . 
يَـتيما ( 6 )
طِفلاً مات أبوك وأنتَ جنين
فآوى (6)
فَـضمّـك إلى مَنْ يَكفـلك ويَرْعاك.
ضالاّ ( 7 )
غافِلاً عنْ أحكام الشّرائع
فهَدَى ( 7 )
فهَـدَاك إلى مناهجها بما أوحى إليك
عائلا (8)
فقيرا عَديما
فأغـنى (8)
فَرضّـاك بما أعطاك ومَنـَـحَك
فلا تـَقـْـهَرْ ( 9 )
فلا تـَـغْـلِـبُه على ماله ولا تسْـتـَـذلـّـه.
فلا تـَـنـْـهَرْ ( 10 )
فلا تـَزْجُرْه، وارفـُـقْ به.
معني الآيات من ( 6_11 )
 ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى )( 6)

أي: وجدك لا أم لك، ولا أب، بل قد مات أبوه وأمه وهو لا يدبر نفسه، 
فآواه الله، وكفله جده عبد المطلب، ثم لما مات جده كفله الله عمه أبا طالب، حتى أيده بنصره وبالمؤمنين.
(وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى )( 7 )
أي: وجدك لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان، فعلمك ما لم تكن تعلم، ووفقك لأحسن الأعمال والأخلاق.
 ( وَوَجَدَكَ عَائِلا ) ( 8 )
أي: فقيرًا ( فَأَغْنَى ) بما فتح الله عليك من البلدان، التي جبيت لك أموالها وخراجها.
فالذي أزال عنك هذه النقائص، سيزيل عنك كل نقص، والذي أوصلك إلى الغنى، وآواك ونصرك وهداك، قابل نعمته بالشكران.
ولهذا قال: 
 ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ )( 9 )
أي: لا تسيء معاملة اليتيم، ولا يضق صدرك عليه، ولا تنهره، 
بل أكرمه، وأعطه ما تيسر، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك.
( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ )( 10 )
أي: لا يصدر منك إلى السائل كلام يقتضي رده عن مطلوبه، بنهر وشراسة خلق، بل أعطه ما تيسر عندك أو رده بمعروف  وإحسان  .
وهذا يدخل فيه السائل للمال، والسائل للعلم، ولهذا كان المعلم مأمورًا بحسن الخلق مع المتعلم، ومباشرته بالإكرام والتحنن عليه، فإن في ذلك معونة له على مقصده، وإكرامًا لمن كان يسعى في نفع العباد والبلاد.
 ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ ) ( 11 )
وهذا يشمل  النعم الدينية والدنيوية ( فَحَدِّثْ ) أي: أثن على الله بها، وخصصها بالذكر إن كان هناك مصلحة.
وإلا فحدث بنعم الله على الإطلاق، فإن التحدث بنعمة الله، داع لشكرها، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها، فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن.
 وقفات مع الآيات 
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى)( 6)
ما نوع الإستفهام في الآية ؟
استفهام تقريري؛ لأن معنى
(أَلَمْ يَجِدْكَ): أي وجدك. والجواب على السؤال المبدوء بهمزة:
   في حال الإثبات ((بلى))     وفي حال النفي ((كلا))
فجوابه: بلى' وجده يتيمًا فأواه .
وايضا جاء السؤال في السياق الكريم للتأكيد علی عطاء الله لنبيه الحبيب حتی الرضی .
فهو الذي وجده يتيما فأوی ووجده ضالا فهدی فسبحانه المعطي حتی الرضی (ولسوف يرضی) 
نتأمل في الفعل (يجدك )نجد ان الفعل جاء علی صيغة المضارع والسبب في ذلك لأن اليتم يستمر لفترة . وذاك الحبيب تربی يتيما حيث :
توفي أبوه عبد الله، قبل أن يولد .ذلك أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - 
ثم توفيت أمه، وهو عند السادسة  فهذا اليتم كأشد ما يكون؛ بذهاب الأبوين.
فهل هناك حكمة من هذا اليتم ؟
نعم .. جعله الله تعالی يتيما 
 لئلا يكون لأحد من خلقه عليه حق ، لا حق عليه إلا حق الله عز وجل .
{فآوى} وجاء التعبير ـ والله أعلم ـ بـ{فآوى} 
لسبب لفظي، وسبب معنوي. 
أما السبب اللفظي: 
فلأجل أن تتوافق رؤوس الآيات من أول السورة، 
وأما السبب المعنوي:
فإنه لو كان التعبير (فآواك) اختص الإيواء به صلى الله عليه وعلى آله وسلم والأمر أوسع من ذلك،
 فإن الله تعالى آواه، وآوى به، آوى به المؤمنين فنصرهم .
(وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى)( 7 ) 
لماذا جاءت ووجدك في صيغة الماضي بينما جاءت يجدك في صيغة الفعل المضارع 
يجدك .. صيغة الفعل المضارع لأن اليتم حالة مستمرة بعض الشيء .
ووجدك .. في صيغة الماضي لأن لحظة الضلال لحظة قصيرة .
(ضالا) ما المقصود به هنا 
 أحبائي الكرام حاشی لرسول حاشی وألف أن يكون الضلال بمعنی  عدم الهدی او عدم الإيمان حاشی ... ولكن الضلال هنا بمعنی :
لا يعرف طريق الخروج بقومه من هذا المأزق ليس عنده تصور للمنهج لأنه يحتاج الی وحي والوحي لم ينزل بعد .
بل هو من الأميين
 {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم} [الجمعة: 2]. لا يقرأ ولا يكتب، لكن وصل إلى هذه الغاية العظيمة بالوحي الذي أنزله الله عليه، فعلم وعلَّم .
   
 {فهدى} ولم يأت التعبير ـ والله أعلم ـ فهداك، 
ليكون هذا أشمل وأوسع فهو قد هدى عليه الصلاة والسلام، وهدى الله به، فهو هاد مهدي عليه الصلاة والسلام. إذاً فهدى أي فهداك وهدى بك.
(وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى)( 8 )
أي وجدك فقيراً لا تملك شيئاً {فأغنى} أي أغناك وأغنى بك قال الله تعالى:
{وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها} [الفتح: 20]. وما أكثر ما غنم المسلمون من الكفار تحت ظلال السيوف، غنائم عظيمة كثيرة كلها بسبب هذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام حين اهتدوا بهديه، واتبعوا سنته فنصرهم الله تعالى به وغنموا من مشارق الأرض ومغاربها .
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ )( 9 )
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ) 
ماذا تسمی الفاء في (فأما )؟
الفاء هذه يسمونها الفاء الفصيحة؛ لأنها تفرع على ما سبق.
  (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)هذا في مقابلة (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى).
فينبغي أن يكون شكر النعمة، من جنس النعمة،
فإن كنت يتيمًا يومًا من الدهر، 
فجدير بك أن ترفق باليتامى، 
وإن كنت فقيرًا يومًا من الدهر، 
فحري بك أن تعطف على الفقراء.
(فلا تقهر)
أي: لا تغلبه بأخذ ماله، أو غير ذلك.
 وقد كان اليتامى في الجاهلية يغلبون على أمرهم،
وتؤخذ أموالهم، ولا يررثون، 
فحفظ الإسلام حقهم، وأوصى بهم.
( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ)( 9 )
هذا في مقابل {ووجدك ضالاً فهدى} {وأما السائل فلا تنهر} أول ما يدخل في
(السائل)
هو المستجدي الفقير، فلا تزجره لفقره. والسائل، مظنة الزجر؛ 
لأنه يتضع، ويذل نفسه لكي يحصل على مطلبه، فيجرأ غيره عليه، وربما نهره وزجره.
هل أختصت كلمة السائل علی الفقير؟
والحقيقة أن كلمة السائل أوسع من أن تختص بالسائل بسبب الفقر، بل تتناول السائل عن :
أي مصلحة من المصالح؛ دينية كانت، أو دنيوية، فإنه لا ينهر، فإذا سألك سائل عن أمر من أمور دينه، فلا تنهره، بل سهل، ورحب، وأجب طلبته، إذا كان عندك علم تجيبه به. وكذلك لو سألك عن أمر من الأمور التي تحسن، فأعنه، ولو سألك عن الطريق فدله.
(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)( 11)
يعني: فأخبر الناس بما أنعم الله تعالى عليك، ولا تكتم ذلك، وتجحده. فإن الحديث بذلك من شكر النعمة.
 وقد قال القائل:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة         يدي ولساني والضمير المحجبا
فشكر نعمة المنعم يكون بثلاث  
بقلبهبمعنى أن يغتبط قلبه بنعمة الله عليه، ويعلم أنها من عنده.
2 بلسانه: فلا يزال يحدث بنعمة الله عليه، وأنه في خير وعافية من الله، ونحو ذلك.
3بجوارحه: فيسخِّر جوارحه في طاعة الله، من السعي على الأرملة، والمسكين، ومساعدة الملهوف، وإغاثة المضطر، وامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه، لجوارحه، 
فبذلك يحصل الشكر.
وقيل: إن معنى (حدث): يعني جدد، شكرًا إثر شكر.
: معلومات إضافية شيقة  
قائدة نضعها في عقولنا 
ما من نبي قط مطلقا يمر بالشرك لا قبل النبوة ولا بعدها .
د. أحمد نوفل
انتبه وركز هذه السورة قد ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في آخرها. وقد اختلف في ثبوت هذا، وهل هو من سنن القراءة، أن يكبر في أخرها وما بعدها، من السور، فاعتمد ذلك بعض القراء، وبعضهم رده. وللشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد - رحمه الله - بحث رائق في هذا في كتابه (بدع القراء)
د. عبد الرحمن القاضي 
وقفة إبداعية في تصنيف السورة  
كلمة اليتيم لن تجدها إلا في السور المكية .
كلمة اليتامی .. لن تجدها إلی في السور المدنية . 
 لأن اليتم في مكة المكرمة ظاهرة فردية. بينما اليتامی في المدينة ظاهرة إجتماعية .
من تدبر السورة نستدل علی تصنيفها مكية أو مدنية .. سبحان الله العظيم 
كم عدد الفواصل في سورة الضحی؟ 
ثلاثة فواصل :
الألف المقصورة .. الضحی ..ال فترضی الراء .. تقهر ... الثاء.. فحدث
 ولا أذكر فاصلة بالثاء اﻻ  في هذه السورة .
د. أحمد نوفل
: تذكر .. ثم .. أعمل 
1- مشروعية رد شبه الطاغين .
2- كرامة النبي صلی الله عليه وسلم _ علی ربه في الدنيا والآخرة .
3 منة الله علی نبية ورعايتة له .
4 عند خروجك من المسجد أو من عملك تجد سائل يسألك من المال قد يكون محتاج وبه إعاقه قد يكون ليس به ويلح ويصر عليك 
فماذا أنت فاعل؟ 
هل تنهره وتزجره .. لا والف لا هناك قرآن يذكرك بما يتوجب عليك فعله  
أحد الخياريين 
أن تصرفه بيسير من المال أو تصرفه بيسير من القول .
5-  ديننا دين المرحمة
فإياك وقهر اليتيم بإحتياجه وضعفه وتفردة وقوتك وسطوتك ومالك وغناك بما لك من أسباب وخلو الأسباب من بين يديه .
(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (الضحى : 11)
انتبه لنفسك وأسأل إلی إين انتمي 
الناس يتفاوتون في استقبال نعمة المنعم؛
1- فمنهم من يغتبط بنعمة الله، ويثني بها عليه، ويحدث بهذا الفضل،
2- ومن الناس من يجحد النعمة، وينسبها
إلى نفسه، كما فعل قارون، قال
 (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي). وهذا، بأقبح المراتب.
-3 الذين ينعم الله تعالى عليهم، ثم يكتمون 
نعمة الله عليهم، خوفًا من العين فيتظاهرون بالبؤس، وسوء الحال. وهذا في الحقيقة انتبه  نوع شرك، لماذا ؟
لأنه خوف زائد،
وفيه كفران للنعمة،
وفيه ضعف شخصية.
 وماذا هو الحل السليم ؟
الذي ينبغي للعبد إذا انعم الله تعالى
عليه أن يحدث بنعمة الله عليه. وليس 
المقصود أن يفتخر في المجالس، ويفيض في التفاصيل، كلا
 وإنما يتكلم بكلام عام، مجمل، يتضمن ذكر نعم الله، والثناء بها عليه. وأما من أشرت إليهم، فتجد أحدهم إذا سئل، أجاب بما يشعر بأن الأمور بين بين. وهذا، في الحقيقة، 
كفران للنعمة، وخوف مبالغ فيه. 
وعلى العبد أن يقوي توكله على الله، ويعلم أنه لا يأتي بالحسنات إلا الله، ولا يدفع السيئات إلا الله، وأن الله تعالى هو الذي يعصمه، 
وأن عليه أن يخشى أن يسلبه الله النعمة، بسبب هذا التكتم والجحود.
د. أحمد القاضي
الدروس العملية 
-  أَظهِر ما منَّ الله عليك من نعمة من غير تكلُّف ولا حماقة، اشكُرِ الله على نِعَمه بإظهار نعمه عليك، وبالحديث عنها وتعديدها، واستعملها في طاعته - تبارك وتعالى - وحُثَّ الناس على الشكر الذي يُبقي النِّعمَ ويزيدها {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]،
2- إحَذِّر من البَطَر والكفر:
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112].
3 أكثر من قول الدعاء :
(اللهم أعنِّي على ذِكْرك وشُكْرك وحُسْن عبادتك).
-: 
4 إكرام اليتيم والنهي عن قهْره وكسْر خاطره وإذلاله، وإلى إغناء السائل مع الرِّفق به والكرامة. 
المصادر 
االتفسير .. السعدي .. ابن كثير 
الوقفات وتذكر والدروس 
د. أحمد القاضي .. د. أحمد نوفل ..د. سيد قطب .. محمد النابلسي ..ابن عثيمين
مجموعة 
( رتل القرآن ترتيلا ) تدبر 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق