سورة البقرة الربع الأول


الوقفات التدبرية 
سورة البقرة
الربع الأول





وقفات الربع الاول

{الم}
(البقره :1)
إنما ذكرت هذه الحروف فى أوائل السور التى ذكرت فيها، بيانا لإعجاز القرآن ، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله،هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التى يتخاطبون بها 
ابن كثير









{ ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} 
 (البقره:2 )
لما قال العبد بتوفيق من ربه (اهدنا الصراط المستقيم )قيل له (ذلك الكتاب لا ريب ) هو مطلوبك  وفيه حاجتك وهو الصراط المستقيم (هدى للمتقين ) القائلين (اهدنا الصراط المستقيم) والخائفين من حال المغضوب عليهم والضالين 
ابن الزبير الغرناطى



{ ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} 
 (البقره:2 )
ومن أين يكون ريب أو شك ودلالة الصدق واليقين كامنة في هذا المطلع ، ظاهرة فى عجزهم عن صياغة مثله ، من مثل هذه الأحرف المتداولة بينهم المعروفة لهم من لغتهم
فى ظلال القرآن

{ ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} 
 (البقره:2 )
صحت الإشارة إلى الكتاب وهو لم ينزل كله بعد، لأن الإشارة إلى بعضه كإشارة إلى الكل، حيث كان بصدد الإنزال ، فهو حاضر فى الأذهان ، فشبه بالحاضر فى العيان
الوسيط



{ ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} 
 (البقره:2 )
تنفي الريب فى القرآن عمن شأنهم أن يتدبروه ويقبلوا على النظر فيه بروية ، ومن ارتاب فى القرآن فلأنه لم يقبل عليه بأذن واعية أو بصيرة نافذة أوقلب سليم
الوسيط





 
{ ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} 
 (البقره:2 )
قدم جملة (لا ريب فيه)على جملة (هدى للمتقين )لأنه أراد أن ينفي عن ساحة كونه كتابا هاديا غبار الريب وغيوم الشكوك حتى يستقر في النفوس وصفه وتطمئن القلوب لأثاره وهداياته
الوسيط


{ ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} 
 (البقره:2 )
ياللعظمة
كل كتاب فى الدنيا فيه نقص وقصور قل أو كثر 
إلا كتاب الله يبتدئ بالتحدي لكل من قرآه (ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين)
فتبارك العليم الحكيم
د.عمر المقبل


{هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}
(البقره:2 )

لمن يكون ذلك الكتاب هدى ونورا ودليلا ناصحا مبينا ؟
للمتقين
فالتقوى فى القلب هي التى تؤهله للانتفاع بهذا الكتاب ، هي التى تفتح مغاليق القلب له فيدخل ويؤدي دوره هناك ، هي التى تهيئ لهذا القلب أن يلتقط وأن يتلقى وأن يستجيب
فى ظلال القرآن



{هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}
(البقره:2 )
لأنه فى نفسه هدى لجميع الخلق ، فالأشقياء لم يقبلوا هدى الله فقامت عليهم به الحجة ولم ينتفعوا به ، وأما المتقون الذين أتوا السبب الأكبر لحصول الهداية وهو التقوى فاهتدوا به وانتفعوا به
فالمتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية والآيات الكونية

ابن سعدي





{هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}
(البقره:2 )
الهداية نوعان
هداية البيان وهداية التوفيق
فالمتقون حصلت لهم الهدايتان، وغيرهم لم بحصل لهم هداية التوفيق ، وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها ليست هداية حقيقية

ابن سعد




{هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}
(البقره:2 )
فالمتقون هم أعظم الناس انتفاعا بهذا القرآن
وإلا فكل من أقبل عليه طالبا للهدى منه أصاب من خيره ولو كان المتدبر كافرا فسيكون له أثر

د.عمر المقبل





{هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}
(البقره:2 )
بقدر التقوي فى قلبك تنزل الهداية على قلبك
على الفيفى



{هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}
(البقره:2 )

ماذا يعنى أن القرآن (هدى للمتقين)؟
هذا يعنى أن المعاصى حجاب يحول بين القلب ودقائق القرآن،  فأي حرمان تسببت فيه خطايانا ؟
ابراهيم السكران

{الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب}
(البقره:3 )
الإيمان بالغيب هو العتبة التى يجتازها الإنسان ، فيتجاوز مرتبة الحيوان الذي لايدرك الإ ماتدركه حواسه إلى مرتبة الإنسان الذي يدرك أن الوجود أكبر وأشمل من ذلك الحيز الصغير المحدد الذي تدركه الحواس
فى ظلال القرآن

{الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب}
(البقره:3 )
الإيمان بالغيب دليل على اتساع العقول وسلامة القلوب ، ويقوى ويعظم الإيمان بالغيب كلما قوي الإيمان في القلوب واستولى الصفاء على النفوس
الوسيط

{الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب}
(البقره:3 )
لاتخسر هذه الصفة العظيمة بكثرة حرصك على الدراسات العلمية التى تؤيد مافى القرآن والسنة من الحقائق

على الفيفي

{الذين يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
 (البقره:3)
الإيمان بالغيب حظ القلب ، وإقام الصلاة حظ البدن ، ومما رزقناهم ينفقون حظ المال، وهذا ظاهرالقرطبى

{الذين يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
 (البقره:3)
وجه ترتب الإنفاق على الإيمان بالغيب أن المدد غيب ، لأن الإنسان لما كان لايطلع على جمبع رزقه ، كان رزقه غيبا، فإذا أيقن بالخلف جاد بالعطية

نظم الدرر




{ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
 (البقره:3)
لم يقل يأتون الصلاة ، وذلك لأن إقامة الصلاة هى إقامتها ظاهرا بإتمام أركانها وواجباتها وشروطها ، وإقامتها باطنا بإقامه روحها ، وهو حضور القلب فيها وتدبر مايقوله ويفعله فيهاابن سعدي


{ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
 (البقره:3)
كثيرا مايجمع الله بين الصلاة والزكاة في القرآن لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود ، والزكاة متضمنة للإحسان على عبيدهابن سعدي

{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
 (البقره:3)
فهم يعتقدون إبتداء بأن المال الذي في أيديهم هو من رزق الله لهم لا من خلق أنفسهم ، ومن هذا الاعتراف بنعمة الرزق ينبثق البر بضعاف الخلقفى ظلال القرآن


َ { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
 (البقره:3)
(رزقناهم ) إشارة إلى أن هذه الأموال التى بين أيديكم ليست حاصلة بقوتكم وملككم وإنما هى رزق الله الذي خولكم ، وأنعم به عليكم ، فكما أنعم عليكم فاشكروه بإخراج بعض ما أنعم به عليكمابن سعدي


{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
 (البقره:3)
أتى ب(من )الدالة على التبعيض ، لينبههم أنه لم يرد منهم إلا جزءا يسيرا من أموالهم ، غير ضار لهم ولامثقل ، بل ينتفعون هم بإنفاقه ، وينتفع به إخوانهمابن السعدي


 
{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
(البقره:3)
اهتم القرآن الكريم بمدح المنفقين والحث على الإنفاق ، إذ كان من أعظم الوسائل إلى رقي الأمم وسلامتها من كوارث شتى ، كالفقر والجهل والأمراض المتفشية
محمد الخضر حسين (أسرار التنزيل)

{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
 (البقره:3)
النفقة من المال والنفقة من العلم 
وقال معاذ فى العلم تعليمه لمن لايعلمه صدقة
وقال أبو الدرداء ماتصدق رجل بصدقة أفضل من موعظة يعظ بها الجماعة فبتفرقون وقد نفعهم الله بها أو كما قال
مجموع الفتاوي (ابن تيمية)



{ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُون }
 (البقره:4)
خصه بالذكر بعد العموم لأن الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان ، ولأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل 
واليقين هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك الموجب للعمل 
ابن سعدي

{ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُون }
 (البقره:4)
اليقين هو أعلى درجات العلم وهو الذي لايمكن أن يدخله شك بوجهالمحرر الوجيز

{ خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ }
 (البقره:7)
الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها ، وإذا أغلقتها أتاها حينئذ الختم من قبل الله تعالى والطبع فلا يكون للإيمان إليها مسلك ولا للكفر منها مخلص، فذلك هو الختم والطبع المذكور فى الأيه
تفسير ابن كثير

 

{ ختم اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
 (البقره:7)
وفى تقديم السمع على البصر فى مواقعه فى القرآن دليل على أنه أفضل فائدة لصاحبه من البصر،فإن التقديم مؤذن بأهمية المقدم، وذلك لأن السمع ألة لتلقى المعارف التى بها كمال العقل
التحرير والتنوير


{ خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ }
 (البقره:7)
هذه طرق العلم والخير قد سدت عليهم ، فلا مطمع فيهم ولا خير يرجى عندهم ، و إنما منعوا ذلك وسدت عنهم أبوب الإيمان بسبب كفرهم وجحودهم
 ابن سعدي

{ ومن النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ }
 (البقره:8)
نبه الله سبحانه على صفات المنافقين لئلا يغتر بظاهر أمرهم المؤمنون فيقع لذلك فساد عريض فى عدم الإحتراز منهم ومن إعتقاد إيمانهم وهم كفار فى نفس الأمر وهذا من المحذورات الكبارابن كثير


{ ومن النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ }
 (البقره:8)
هذه الأية صريحة فى كفر المنافقين كفرا أكبر مخرجا من الملة
وأن الشهادة باللسان لا تنفع الإنسان إذا لم تتواطأ مع القلب.
د.عمر المقبل

{ فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون }
 (البقره:10)
فى قلوبهم مرض ، أي بسكونهم إلى الدنيا وحبهم لها وغفلتهم عن الأخرةالقرطبى


{ فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرض}
 (البقره:10)
وقبلها بآيتين: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}  (البقره:7)
فتأمل ـ أيها الموفق ـ كم تكرر الحديث عن القلب في هذه السورة فضلاً عن القرآن كله! 
لقد تحدثت سورة البقرة عن القلب في أحد عشر موضعاً، 

كلها تؤكد عظمة هذا العضو، وأن مدار الصلاح والفساد عليه، فاللهم أصلح قلوبنا.
د.عمر المقبل


{ فى قلوبهم مرض }

(البقره:10)
المريض يجد طعم الطعام على خلاف ماهو عليه فيري الحلو مرا ، كذلك المنافقين يرون الحق باطلا والباطل حقا

عايض المطيري


{ فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون }
 (البقره:10)
أي وكلهم إلى أنفسهم وجمع عليهم هموم الدنيا ، فلم يتفرغوا من ذلك إلى اهتمام بالدينالقرطبى


{ ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون }
 (البقره:10)
بما يفنى عما يبقى
وقال الجنيد :-علل القلوب من اتباع الهوى كما أن علل الجوارح من مرض البدن
القرطبى


{ ألا إنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون }(البقره:12)
{ ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون }(البقره:13)
الفرق بين قوله تعالى( ولكن لايعلمون )، وقوله تعالى(ولكن لايشعرون)
أن الإفساد فى الأرض أمر حسي يدركه الإنسان بإحساسه وشعوره ، وأما السفه فأمر معنوي يدرك بأثاره ولايحس به

ابن عثيمين


{ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى }
(البقره:16)
من باع الحق بهواه انقلب هواه وبالا عليه ، فحرم هداية الله مع أنها واضحة

سعود الشريم


{ مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ماحوله ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لايبصرون }

(البقره:17)
بعضهم يتعجب من عدم تعجيل العقوبة للمنافقين ، ومادري أن أعظم عقوبة لهم حرمانهم من نور الهدايه
عبد الله بلقاسم
{ مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ماحوله ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لايبصرون }
(البقره:17)
ماوجه تشبيه المنافقين بصاحب النار التى أضاءت ثم أظلمت ؟
الجواب من ثلاثة أوجه
أحدها :أن منفعتهم فى الدنيا بدعوى الإيمان شبيه بالنور ، وعذابهم فى الأخرة شبيه بالظلمة بعدهالثانى :أن إستخفاء كفرهم كالنور وفضيحتهم كالظلمةالثالث :أن ذلك فيمن آمن منهم ثم كفر ، فإيمانه نور وكفره بعده ظلمة

ابن جزى (التسهيل لعلوم التنزيل )

{ ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لايبصرون }

(البقره:17)
تأمل كيف قال (بنورهم )فجعله واحدا، ولما ذكر (ظلمات ) جمعها
لأن الحق واحد وهو الصراط المستقيم ، بخلاف طرق الباطل فإنها متعددة متشعبة،ولهذا يفرد الله الحق ويجمع الباطل
ابن القيم (الفوائد)


{ صم بكم عمي فهم لايرجعون }

(البقره:18)
صم أي عن سماع الخير ، بكم عن النطق به ، عمي عن رؤية الحق
(فهم لايرجعون)لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه فلا يرجعون إليه ، بخلاف من ترك الحق عن جهل وضلال فإنه لايعقل وهو أقرب رجوعا منهم 

ابن سعدي

{ الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شي قدير }

(البقره:20)
إنما وصف الله تعالى نفسه بالقدرة على كل شي فى هذا الموضوع لأنه حذر المنافقين بأسه وسطوته وأخبرهم أنه بهم محيط وعلى إذهاب سمعهم وأبصارهم قدير
ابن كثير
{ يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون }
(البقره:21)
اعبدوا ربكم يدخل فيه الإيمان به سبحانه وتوحيده وطاعته فالأمر بالإيمان به لمن كان جاحدا ، والأمر بالتوحيد لمن كان مشركا ، والأمر بالطاعة لمن كان مؤمنا

ابن الجزي (التسهيل لعلوم التنزيل)


{ وإن كنتم فى ريب }
(البقرة :23)
دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلالة هو الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلال وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه فهذا لايمكن رجوعه،لأنه ترك الحق بعدما تبين له ولم يتركه عن جهل

ابن سعدي
{ فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا }
( البقره: 24)
ولن تفعلوا أبدا وهذه أيضا معجزة أخري ، وهو أنه أخبر خبرا جازما قاطعا مقدما غير خائف ولامشفق ، أن هذا القرآن لايعارض بمثله أبد الأبدين ، وكذلك وقع الأمر لم يعارض من لدنه إلى زماننا هذا ولايمكن أن يأتى ذلك لأحد
ابن كثير
{وقودها الناس والحجارة}
( البقره: 24)
وبدأ سبحانه بالناس لأنهم الذين يدركون الألم أو لكونهم أكثر إيقادا من الجماد لما فيهم من الجلود واللحوم والشحوم ولأن فى ذلك مزيد التخويف
روح المعانى
{وبشر الذين أمنوا وعملوا الصالحات}
( البقره: 25)
قال معاذ رضي الله عنه :العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء
العلم و النية والصبرو الإخلاص 
البغوي

{ولهم فيها أزواج مطهرة}
( البقره: 25)
فلم يقل مطهرة من العيب الفلانى ليشمل جميع أنواع التطهير ، فهن مطهرات الأخلاق، مطهرات الخلق، مطهرات اللسان ومطهرات الأبصار

ابن سعدي

{وهم فيها خالدون}
( البقره: 25)
هذا هو تمام السعادة فإنهم مع هذا النعيم فى مقام أمنين من الموت والإنقطاع فلا آخرله ولا إنقضاء ، بل نعيم سرمدي أبدي على الدوام

ابن كثير

{ ختم اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
 (البقره:7)
وفى تقديم السمع على البصر فى مواقعه فى القرآن دليل على أنه أفضل فائدة لصاحبه من البصر،فإن التقديم مؤذن بأهمية المقدم، وذلك لأن السمع ألة لتلقى المعارف التى بها كمال العقل
التحرير والتنوير

{ خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ }
 (البقره:7)
هذه طرق العلم والخير قد سدت عليهم ، فلا مطمع فيهم ولا خير يرجى عندهم ، و إنما منعوا ذلك وسدت عنهم أبوب الإيمان بسبب كفرهم وجحودهم
 ابن سعدي
{ ومن النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ }
 (البقره:8)
نبه الله سبحانه على صفات المنافقين لئلا يغتر بظاهر أمرهم المؤمنون فيقع لذلك فساد عريض فى عدم الإحتراز منهم ومن إعتقاد إيمانهم وهم كفار فى نفس الأمر وهذا من المحذورات الكبارابن كثير
{ ومن النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ }
 (البقره:8)
هذه الأية صريحة فى كفر المنافقين كفرا أكبر مخرجا من الملة
وأن الشهادة باللسان لا تنفع الإنسان إذا لم تتواطأ مع القلب.
د.عمر المقبل
{ فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون }
 (البقره:10)
فى قلوبهم مرض ، أي بسكونهم إلى الدنيا وحبهم لها وغفلتهم عن الأخرةالقرطبى

{ فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرض}
 (البقره:10)
وقبلها بآيتين: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}  (البقره:7)
فتأمل ـ أيها الموفق ـ كم تكرر الحديث عن القلب في هذه السورة فضلاً عن القرآن كله! 
لقد تحدثت سورة البقرة عن القلب في أحد عشر موضعاً، 

كلها تؤكد عظمة هذا العضو، وأن مدار الصلاح والفساد عليه، فاللهم أصلح قلوبنا.
د.عمر المقبل

{ فى قلوبهم مرض }

(البقره:10)
المريض يجد طعم الطعام على خلاف ماهو عليه فيري الحلو مرا ، كذلك المنافقين يرون الحق باطلا والباطل حقا

عايض المطيري

{ فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون }
 (البقره:10)
أي وكلهم إلى أنفسهم وجمع عليهم هموم الدنيا ، فلم يتفرغوا من ذلك إلى اهتمام بالدينالقرطبى

{ ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون }
 (البقره:10)
بما يفنى عما يبقى
وقال الجنيد :-علل القلوب من اتباع الهوى كما أن علل الجوارح من مرض البدن
القرطبى

{ ألا إنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون }(البقره:12)
{ ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون }(البقره:13)
الفرق بين قوله تعالى( ولكن لايعلمون )، وقوله تعالى(ولكن لايشعرون)
أن الإفساد فى الأرض أمر حسي يدركه الإنسان بإحساسه وشعوره ، وأما السفه فأمر معنوي يدرك بأثاره ولايحس به

ابن عثيمين

{ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى }
(البقره:16)
من باع الحق بهواه انقلب هواه وبالا عليه ، فحرم هداية الله مع أنها واضحة

سعود الشريم

{ مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ماحوله ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لايبصرون }

(البقره:17)
بعضهم يتعجب من عدم تعجيل العقوبة للمنافقين ، ومادري أن أعظم عقوبة لهم حرمانهم من نور الهدايه
عبد الله بلقاسم
{ مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ماحوله ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لايبصرون }
(البقره:17)
ماوجه تشبيه المنافقين بصاحب النار التى أضاءت ثم أظلمت ؟
الجواب من ثلاثة أوجه
أحدها :أن منفعتهم فى الدنيا بدعوى الإيمان شبيه بالنور ، وعذابهم فى الأخرة شبيه بالظلمة بعدهالثانى :أن إستخفاء كفرهم كالنور وفضيحتهم كالظلمةالثالث :أن ذلك فيمن آمن منهم ثم كفر ، فإيمانه نور وكفره بعده ظلمة

ابن جزى (التسهيل لعلوم التنزيل )
{ ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لايبصرون }

(البقره:17)
تأمل كيف قال (بنورهم )فجعله واحدا، ولما ذكر (ظلمات ) جمعها
لأن الحق واحد وهو الصراط المستقيم ، بخلاف طرق الباطل فإنها متعددة متشعبة،ولهذا يفرد الله الحق ويجمع الباطل
ابن القيم (الفوائد)


{ صم بكم عمي فهم لايرجعون }

(البقره:18)
صم أي عن سماع الخير ، بكم عن النطق به ، عمي عن رؤية الحق
(فهم لايرجعون)لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه فلا يرجعون إليه ، بخلاف من ترك الحق عن جهل وضلال فإنه لايعقل وهو أقرب رجوعا منهم 

ابن سعدي

{ الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شي قدير }

(البقره:20)
إنما وصف الله تعالى نفسه بالقدرة على كل شي فى هذا الموضوع لأنه حذر المنافقين بأسه وسطوته وأخبرهم أنه بهم محيط وعلى إذهاب سمعهم وأبصارهم قدير
ابن كثير
{ يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون }
(البقره:21)
اعبدوا ربكم يدخل فيه الإيمان به سبحانه وتوحيده وطاعته فالأمر بالإيمان به لمن كان جاحدا ، والأمر بالتوحيد لمن كان مشركا ، والأمر بالطاعة لمن كان مؤمنا

ابن الجزي (التسهيل لعلوم التنزيل)
{ وإن كنتم فى ريب }
(البقرة :23)
دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلالة هو الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلال وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه فهذا لايمكن رجوعه،لأنه ترك الحق بعدما تبين له ولم يتركه عن جهل

ابن سعدي
{ فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا }
( البقره: 24)
ولن تفعلوا أبدا وهذه أيضا معجزة أخري ، وهو أنه أخبر خبرا جازما قاطعا مقدما غير خائف ولامشفق ، أن هذا القرآن لايعارض بمثله أبد الأبدين ، وكذلك وقع الأمر لم يعارض من لدنه إلى زماننا هذا ولايمكن أن يأتى ذلك لأحد
ابن كثير







{وقودها الناس والحجارة}
( البقره: 24)
وبدأ سبحانه بالناس لأنهم الذين يدركون الألم أو لكونهم أكثر إيقادا من الجماد لما فيهم من الجلود واللحوم والشحوم ولأن فى ذلك مزيد التخويف
روح المعانى
{وبشر الذين أمنوا وعملوا الصالحات}
( البقره: 25)
قال معاذ رضي الله عنه :العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء
العلم و النية والصبرو الإخلاص 
البغوي


{ولهم فيها أزواج مطهرة}
( البقره: 25)
فلم يقل مطهرة من العيب الفلانى ليشمل جميع أنواع التطهير ، فهن مطهرات الأخلاق، مطهرات الخلق، مطهرات اللسان ومطهرات الأبصار

ابن سعدي


{وهم فيها خالدون}
( البقره: 25)
هذا هو تمام السعادة فإنهم مع هذا النعيم فى مقام أمنين من الموت والإنقطاع فلا آخرله ولا إنقضاء ، بل نعيم سرمدي أبدي على الدوام

ابن كثير
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق