سورة الشمس


        عن أي سورة سنتحدث
 
سورة قصيرة ذات القافية الواحدة، وتتضمن عدة لمسات وجدانية تنبثق من مشاهد الكون وظواهره
 بينها وبين القلب الإنساني لغة سرية متعارف عليها في صميم الفطرة  وبينها وبين الروح الإنساني تجاوب ومناجاة بغير نبرة ولا صوت، وهي تنطق للقلب، وتوحي للروح، وتنبض بالحياة المأنوسة للكيان الإنساني الحي، حيثما التقى بها وهو مقبل عليها، متطلع عندها إلى الأنس والمناجاة واﻹيحاء.
         فهل عرفت ما هي

    سورة الشمس        
     سورة مكية .
      من المفصل .
 آ     ياتها 15 .

  ترتيبها بالمصحف الحادية والتسعون .
  نزلت بعد سورة القدر .
 بدأت باسلوب قسم " والشمس وضحاها "  الجزء (30) ـ
 الحزب ( 60) ـ الربع 6
 محور مواضيع السورة :
يدورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ مَوْضُوعَيـْنِ اثـْنَيـْنِ وَهُمَا :
* مَوْضِعُ النَّفْسِ الإِنْسَانِيـَّةِ ، وَمَا جَبَلَهَا الَّلهُ عَلَيْهِ مِنَ الخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَالهُدَى وَالضَّلاَلِ
*مَوْضُوعُ الطُّغْيَانِ مُمَثَّلاً في ( ثَمُودَ ) الَّذِينَ عقروا الناقة فَأَهْلَكَهُمُ الَّلهُ وَدَمَّرَهُم.
  
       
نبذة مختصرة عن السورة

 
ابتدأت بالقسم بمخلوقات الله على نجاح الإنسان إن أطاع الله وعلى هلاكه إن عصاه ،  من قوله تعالى):  وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا {1} وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا {2} ) 
إلى قوله تعالى : (وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا {10})
  ذكرت قصة ثمود قوم صالح الذين كذبوا وبغوا وعقروا الناقة حتى أهلكهم الله وباتوا عبرة لمن يعتبر قال تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا {11} إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا {12} )
إلى قوله تعالى : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا)
ختمت ببيان أن الله تعالى لا يخاف عاقبة إهلاكهم ،
 قال تعالى :  (وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا  {15}(
 شرح الكلمات
            
من اﻵية (1-8)
(والشمس..(1)
قسمٌ بها وبما بعدها
(ضُـحاها..(1)
ضَوئها إذا أشرقـَتْ
(تـَـلاها..(2)
تـَـبـِعَـها في الإضاءة بَـعْدَ غروبها
(جَـلاّها..(3)
أظهَر الشمس للرّائين
(يَـغْـشاها..(4)
يُغطّيها حين تغيب فـَـتـُـظلِـم الآفاق
(وما بناها..(5)
والذي خلقها وهو الله تعالى
(وما طحاها..(6)
والذي بَـسَـطها ووَطّـأها
(وما سَوّاها..(7)
والذي عدّل أعضاءها ومَنـَـحَها قـُـوَاها
(فـُـجُـورها وتـَـقـْـواها..(8)
مَـعْصِـيَتها وطاعتها وخَـيْرَها وشَرّها
 
معاني اﻵيات
)
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ) الاية ..(1)
أي: نورها، ونفعها الصادر منها.
 ( وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا ) اﻵية ..(2)
أي: تبعها في المنازل والنور.
  ( وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا ) اﻵية ..(3)
أي: جلى ما على وجه الأرض وأوضحه.
 ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا )اﻵية ..(4)
أي: يغشى وجه الأرض، فيكون ما عليها مظلمًا.
فتعاقب الظلمة والضياء، والشمس والقمر، على هذا العالم، بانتظام وإتقان، وقيام لمصالح العباد،
 
أكبر دليل على أن الله بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه المعبود وحده، الذي كل معبود سواه فباطل.
(وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ) اﻵية ..(5(

يحتمل أن « ما » موصولة،
 
فيكون الإقسام بالسماء وبانيها، الذي هو الله تبارك وتعالى،
ويحتمل أنها مصدرية،
 
فيكون الإقسام بالسماء وبنيانها، الذي هو غاية ما يقدر من الإحكام والإتقان والإحسان، ونحو ذلك قوله:
 ) وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا ) اﻵية ..(6)
أي: مدها ووسعها، فتمكن الخلق حينئذ من الانتفاع بها، بجميع وجوه الانتفاع.
 ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ) اﻵية ..(7)
*يحتمل أن المراد نفس سائر المخلوقات الحيوانية، كما يؤيد هذا العموم،
* ويحتمل أن المراد بالإقسام بنفس الإنسان المكلف، بدليل ما يأتي بعده.
فالنفس آية كبيرة من آياته التي حقيقة بالإقسام بها فإنها في غاية اللطف والخفة، سريعة التنقل [ والحركة ] والتغير والتأثر والانفعالات النفسية، من الهم، والإرادة، والقصد، والحب، والبغض، وهي التي لولاها لكان البدن مجرد تمثال لا فائدة فيه، وتسويتها على هذا الوجه آية من آيات الله العظيمة.
(فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) اﻵية :( 8)
بين لها الخير والشر . وقول آخر
بين لها الطاعة والمعصية .
من (1-7)تفسير السعدي
اﻵية :(8) تفسير الطبري
  وقفات مع اﻵيات 
عند القاعدة التالية ..ليس في القرآن رقم ولا كلمة إﻻ بترتيب ،كل شيء في القران بمقدار
ما هي اقرب نقطة اقتراب ونقطة ابتعاد بين الشمس والارض
الجواب في ترتيب السور
سورة الشمس ترتيبها
91 وهذه أقصر نقطة اقتراب بين اﻷرض والشمس
سورة الضحى ترتيبها 93
أقصى نقطة ابتعاد بين
الشمس واﻷرض.
                            سبحان الله العظيم                         .
وتأمل وفكر كلنا نقرأ سورةالشمس ولكن من منا أدرك شيئا مميزا في السورة عوضا عن باقي سور القرآن كلها
تبدأ السورة الكريمة بأطول قسم في القرآن من الله‏
(‏ الغني عن القسم‏)‏
فبما أقسم
؟وإين جواب القسم ؟
 أقسم بآياته الكونية المبهرة التي جاءت متتابعة علي النحو التالي‏:‏
 (وَالشَّمْسِ ) اﻵية  :(1)
وهي أقرب نجوم السماء إلينا ومصدر الطاقة والدفء للأرض ومن عليه
‏( وَضُحَاهَا) اﻵية  : (1)
وهي لحظة إشراقها في حركتها الظاهرية إلي وقت الظهيرة‏.‏
وقت الكل فيه يعمل .
 (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا) اﻵية  : (2)
أي إذا تبعها في إنارة الأرض بعد غروب الشمس‏.‏
‏ (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا) اﻵية  : (3)
أي وبالنهار الذي وضحها وجعلها ظاهرة للعيان لأن أشعة الشمس لا تري إلا بعد تشتتها وانعكاساتها لمرات عديدة علي الأجسام المتناهية الضآلة في الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض
 
مثل هباءات الغبار‏,‏ وقطيرات الماء وبخاره‏,‏ وجزيئات الغازات المختلفة المكونة للهواء بتركيز معين‏.‏
‏ (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا) اﻵية : (4)
أي وبليل الأرض إذ يغطيها عنا بطبقة ظلمته الرقيقة التي تلتقي مع ظلمة الكون‏,‏ فلا تري الشمس علي الرغم من وجودها‏.‏
‏ ‏ (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) اﻵية : (5)
أي وبالسماء وبنائها المحكم الدقيق علي ضخامته‏,‏ والإله القادر الحكيم العظيم الجليل الذي بناها‏.‏
(وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا) اﻵية : (6)
أي وبالأرض ومدها وبسطها‏,‏ وبالذي كورها فمدها وبسط سطحها‏.‏
‏  (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) اﻵية : (7)

أي وبالنفس الإنسانية وبالذي خلقها‏.‏
ما وجه العظمة بالقسم في النفس
النفس آية كبيرة من آياته التي حقيقةٌ بالإقسام بها، فإنها في غاية اللطف والخفة، سريعة التنقل والحركة، والتغير والتأثر والانفعالات النفسية من الهم، والإرادة، والقصد، والحب، والبغض، وهي التي لولاها لكان البدن مجرد تمثال لا فائدة فيه، وتسويتها على هذا الوجه آية من آيات الله العظيمة .  
 السعدي ( 926)
وهنا جاء جواب القسم
(فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) اﻵية : (8(
بين لها طريقي الخير والشر وترك لها الاختيار .
الاختيار قد ترك لنا
عندما نسأل فتاة لماذا لا ترتدي الحجاب الجواب ..ربي هو من بيده هدايتي ولو علم لهداني .
عندما نسأل الشاب لماذا لا تصلي الجواب ..
ربي هو من بيده هدايتي ولو علم لهداني .
الرد على هذة اﻹدعائات قولة تعالى :
   
(فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) اﻵية  : (8)
نحن علينا تحديد اﻷختيار
تذكر ..تذكر ..تذكر
 
في هذه السورة
ترغيب في تزكية النفوس
وتطهيرها باﻹيمان والطاعة
وترهيب من خسرانها بالكفر والمعاصي وإنذار لكفار مكة وأضرابهم أن يصيبهم من النكال ما أصاب ثمود حين كذبوا رسولهم وعقروا الناقة .
قسم الله تعالى بكائنات عظيمة النفع واﻵثاردالة بوجودها واختلاف أحوالها دلاله على كمال قدرتة تعالى ووحدانيته
القسم عندما يأتي في القرآن يعني تنبيها على أهمية ما يقسم به .
ذكرت  الشمس في القرآن 35مرة منها 33باسمها الشمس ومرتان بصفتها سراج .
اﻹعجاز العلمي في
    
      
(وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا) اﻵية  : (3)
هل النهار يجلي الشمس أو الشمس تجلي النهار لولا الغلاف الغازي وانكسار الضوء لأصبح كل ما تراه من نور في النهار لم يكن والخارج في الفضاء الخارجي ظلام دامس ..فالغلاف الغازي هو الذي يضخم اﻹضاءه ويكبر النور ولهذا نقول
الشمس لو خرجت من الغلاف الغازي لتحول الكون إلى ظلام دامس
النهار هو الذي يجلي ضوء الشمس     لا إن ضوء الشمس هو الذي يجلي النهار
ما أعظم القرآن
تزكية النفس هي اللبنة الاولى نحو مجتمع طاهر حضاري ،يعيش حياته الدنيا كأكرم بني البشر وأسعدهم .
الحياة الحقيقية اﻷبدية هي الحياه اﻷخروية
(وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) سورة العنكبوت : (64)
(فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) اﻵية : (8)
إرادتك هي من تحدد مسارك ومصيرك ﻷن النفس خلقت مستعدة للخير ومستعدة للشر .
عندما اطال معذ ابن جبل في الصلاة فأقبل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم على معاذٍ فقال : أفتَّانٌ أنت ؟ أفتَّانٌ أنت ؟ لا تطوِّل بهم اقرأ ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} والشمسِ وضُحاها ونحوِهما
المحدث:  إسناده صحيح
العدو اﻷخطر من الشيطان واليهود والنصارى  علينا
النفس هي العدو اﻷخطر علينا  لأنها لو صلحت لما استطاع الشيطان إغوائها
الدروس العملية
*أجعل نفسك جند من جنود الرحمن ولا تجعلها جند من جنود الشيطان .
*أحرص على تقوى الله في السر والعلانية ..لقوله صلى الله عليه وسلم :
*   اعبدِ اللهَ كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك
المحدث:  صحيح
*إحرص على صلاة الضحى
قل إذا أصبحتُ ، وإذا أمسيتُ ، وإذا أخذتُ مَضجَعي . اللَّهُمَّ فاطرَ السَّمواتِ والأَرضِ ، عالِمَ الغَيبِ والشَّهادةِِ ، رَبَّ كلِّ شيءٍ ومليكَهُ ، أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا أنتَ ، أعوذُ بِكَ من شرِّ نَفسي ، وشرِّ الشَّيطانِ وشِركِهِ

المصادر
التفسير ..السعدي ..بن كثير 
وقفات وتذكر .. د.راغب السرجاني ..د.زغلول النجار ..د.سيد قطب ..أ. ناصر العمر ..د.أحمد عبد الرحمن القاضي
مجموعة
(رتل القرآن ترتيلا )تدبر

حبيباتي
 سنكمل بمشيئةالله تدبر سورة الشمس
شرح الكلمات
       
اﻵية( 9-15)  نهاية السورة
(قدْ أفـلح..)(9)
فاز بالبغية وظفَـر(جواب القسم)
 (منْ زكّـاها..)(9)
طهّرها وأنماها بالتـّـقوى
 (قدْ خاب..)(10)
      خَسر
(منْ دسّـاها..)(10)
نقـّـصها وأخـْـفاها وأخْـمَلها بالفجور
(بطغْواها..) (11)
بسَبَبِ طغيانِها وعُدْوانِها
(انبعَثَ أشقاها..) (12)
قام مُسْرعًا يَـعْـقِـرُ النّـاقة
(ناقة الله وسُقياها..) (13)
احْذروا عـقـْـرَها ونـَـصيـبَها من الماء
فدمدم عليهم
أهْـلـكهمْ وأطبَق العذاب عليهم
(فسَوّاها..) (14)
فجَعَل الدمْدمة عليهم سواءً
(عُـقـْـبَـاها..) (15)
عاقِـبة هذه العقـوبة
  معاني اﻵيات
  ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ) اﻵية ..(9)
أي: طهر نفسه من الذنوب، ونقاها من العيوب، ورقاها بطاعة الله، وعلاها بالعلم النافع والعمل الصالح.
 ( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )اﻵية ..(10)
أي: أخفى نفسه الكريمة، التي ليست حقيقة بقمعها وإخفائها، بالتدنس بالرذائل، والدنو من العيوب، والاقتراف للذنوب، وترك ما يكملها وينميها، واستعمال ما يشينها ويدسيها.
 ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا )اﻵية ..(11)
أي: بسبب طغيانها وترفعها عن الحق، وعتوها على رسل الله .
 ( إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا ) اﻵية ..(12)
أي: أشقى القبيلة، [ وهو ] « قدار بن سالف » لعقرها حين اتفقوا على ذلك، وأمروه فأتمر لهم.
 ( فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ) اﻵية ..(13)
صالح عليه السلام محذرًا:
 ( نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ) اﻵية ..(13)
أي: احذروا عقر ناقة الله، التي جعلها لكم آية عظيمة، ولا تقابلوا نعمة الله عليكم بسقي لبنها أن تعقروها، فكذبوا نبيهم صالحًا.
(فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ)
اﻵية ..(14 )
أي: دمر عليهم وعمهم بعقابه، وأرسل عليهم الصيحة من فوقهم، والرجفة من تحتهم، فأصبحوا جاثمين على ركبهم، لا تجد منهم داعيًا ولا مجيبا.
 ( فَسَوَّاهَا )
عليهم أي: سوى بينهم بالعقوبة .
 ( وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا ) اﻵية ..(15)
أي: تبعتها.
وكيف يخاف من هو قاهر، لا يخرج عن قهره وتصرفه مخلوق، الحكيم في كل ما قضاه وشرعه؟

وقفات مع اﻵيات 
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) الشمس : (9)
(وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) الشمس : 0(10)
فلاح الإنسان قائم علي
تزكية نفسه بتقوى الله تعالى‏
‏ والعمل بكتابه الخاتم وبسنة رسوله الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)
‏ وبالاستعداد ليوم الرحيل من هذه الدنيا‏,‏ وما يستتبعه من حساب وجزاء‏,‏ وخلود في حياة قادمة‏,‏
 
إما في الجنة أبدا أوفي النار أبدا

فكيف أزكي نفسي
قبل أن نتعرف كيف نزكي أنفسنا لابد أن نتعرف على أقسام تزكية النفس
وهي تنقسم إلى قسمين رئيسين، هما:
التحلية، والتخلية؛
* 
فالتخلية: يقصد بها تطهير النفس من أمراضها وأخلاقها الرذيلة،
* 
أما التحلية: فهي ملؤها بالأخلاق الفاضلة وإحلالها محل الأخلاق الرذيلة بعد أن خليت منها.
وعلى الإنسان التعرف إلى مواضع النقص لديه،
فإن من لم يشعر بالمرض ويتعرف إلى أسبابه
لا يمكنه علاجه، ولكي يستطيع الإنسان الانتصار على نفسه ينبغي لـه
 
أن يضع أسساً للتعامل معها في ثلاثة محاور:
الإنصاف منها، وعدم تبرئتها، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقتص من نفسه وهو المعصوم المسدد بالوحي، وتأمل قوله سبحانه: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِإلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} يوسف: (53)
ترك الانتصاف لها من الآخر بأخذ الثأر لها والانتصار لها، فإنها ظلومة جهولة، وإذا كانت هي المظلومة فقد قال الله عز وجل: «ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور».
 محاسبتها دائماً، فإنه إذا غفل عنها أغوته وقادته إلى التهلكة؛
 لأنها ظلومة {إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} الأحزاب: (72)
واﻵن بعد أن تعرفنا على اﻷقسام ننتقل إلى السؤال اﻵخر
كيف أزكي نفسي لكي أنجو من النار
التوحيد:
ولذلك قال موسى لفرعون وهو يدعوه إلى التوحيد:
{فَقُلْ هَل لَّكَ إلَى أَن تَزَكَّى 18 وَأَهْدِيَكَ إلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} النازعات: 18، 19
الصلاة، فقد قرن الله تعالى بينها وبين التزكية في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى 14 وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} الأعلى: 14، 15
الصدقة: قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
(التوبة: 103)
وقوله: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى 17 الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}
(الليل: 17، 18)
ترك المعاصي والمحرمات: قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} (الشمس: ٩،) أي: زكى نفسه بفعل الطاعات،
ثم قال: {وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (الشمس: 10) ، أي: خسر من دساهابالفجور والمعاصي.
المحافظة على الفرائض؛
لأنها أفضل طاعة يتقرب بها العبد إلى مولاه: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه».
والإكثار من النوافل لقول الله عز وجل: «... ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه...» 10
محاسبة النفس:
قال ابن القيم: «فإن زكاة (النفس) وطهارتها موقوف على محاسبتها،
فلا تزكو ولا تطهر ولا تصلح ألبتة إلا بمحاسبتها...
فبمحاسبتها يطلع على عيوبها ونقائصها فيمكنه السعي في إصلاحها»[11]. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ
بِمَا تَعْمَلُونَ}(لحشر: 18)
الدعاء: على العبد أن يلجأ إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع ليصلح له نفسه ويزكيها، ولذلك كان من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا»12
التوبة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (التحريم: ٨)
لزوم الاستغفار والذكر عموماً، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ
يَعْلَمُونَ} (آل عمران: 135)
تدبر القرآن، فهو جلاء القلوب، وإذا صفا القلب زكت النفس: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد: 24)
مخالفة النفس والإنكار عليها وعدم تلبية رغباتها لأنها داعية للراحة والعصيان.
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا) الشمس : (11 )
 (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا) الشمس : (12)
وتختتم السورة بعرض نموذج من النماذج البشرية‏,‏
التي عصت أمر ربها‏,وحادت عن طريق هدايته‏,‏
واتبعت هوي النفس
 
فكان جزاؤها غضب الله‏,‏ ونكاله‏,‏ وتركها عبرة لمن لا يعتبر‏.
هذه الآيات خطيرة
تتحدث عن المسؤولية الفردية والجماعية
 
واحد عقر الناقة فأهلك بهذا قوما بأجمعهم برمتهم بأكملهم أبيدوا إبادة واحد قضى على قوم المسؤولية فردية وجماعية
لأن الجماعة إذا سكتت عن الفرد وتمادى الفرد بتعزيز ودعم من الجماعة تحملت الجماعة كلها وزر فعله
الذي عقر الناقة واحد لكن كان معه تسعة رهط يعززوه ويشجعوه، لكن الذي تحمل المسؤولية في النهاية
 
ثمود بأكملها أبيدت إبادة شاملة باستثناء المؤمنين نجّاهم الله.
(فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا) (سورة الشمس : 13)
وهذه الآيات تتحدث عن
ثمود قوم نبي الله صالح‏(‏ علي رسولنا وعليه من الله السلام‏)‏ وقد حذر قومه من المساس بالناقة ومن التعرض لشربها‏,‏
كان واحد من الراوين والمفسرين يقول: أهلك الله تعالى ثمود بناقة تساوي 500 درهم فسموه مسعّر الناقة،
الموضوع ليس بثمن الناقة
هذه ناقة الله ليست أي ناقة عادية، هذه ناقة تنتسب إلى الله، آية معجزة ساقها الله ليست أي ناقة عقرها عاقر أو ذبحها
هذا يتحدى الله سبحانه ولذلك من تحدى    الله محقه.
       فماذا فعل بالناقة     
(فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ) (الشمس : 14)
فعقرها أشقاهم‏,‏ وحمل الجميع تبعة ذلك الجرم
لأنهم لم يستنكروا فعلته‏,‏
ولم يمنعوه من القيام بجريمته‏,‏
(فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا) (سورة الشمس : 14)
فنزل بهم جميعا ما يستحقون من غضب الله وتنكيله وبطشه‏,‏
(وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا) (الشمس : 15)
وهو‏(‏ تعالي‏)‏ أحكم الحاكمين‏,‏ وأعدل العادلين‏,
تذكر ..تذكر ..تذكر
الفلاح يبدأ في الدنيا وينتهي في اﻵخرة.
الخيبة تبدأ في الدنيا وتنتهي في اﻵخرة
ولكن من منهما فاز وخسر على المفهوم الشرعي لا المفهوم المغلوط
تذكر الكافر الذي مزق أمعاء الصحابي واحشاؤة هتف فزت ورب الكعبة من يكدس أمواله يرى انه فاز
فهل هذا هو الفوز الحقيقي .
  ثمار تزكية النفس كثيرة، من أهمها:
الفلاح في الدنيا والنجاة في الآخرة،
قال الله تعالى:
{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا 9 وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (الشمس: ٩، 10)
راحة البال وسكينة القلب وطمأنينته وانشراح الصدر وسعته:
{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْـمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إيمَانًا مَّعَ إيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (الفتح: ٤،)
 وقوله:
{فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} الأنعام: 125
الثبات على الدين والطاعة:
{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِـمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} (إبراهيم:27 )
وجوب تزكية النفس
ﻷن المعنى الشرعي للتزكية يدخل فيه تحقيقها شهادة أن ﻻ إله إﻻ الله وأن محمدا رسول اللهالفعل قد يكون فرديا لكن تتحمل
الجماعة المسؤولية اقرأ قوله تعالى
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً) (الانفال 25(
               
والسبب ﻷننا نعيش في مجتمع
ونركب السفينة مع بعض وأي خرق في السفينة سيغرقنا جميعًا
إذن بعض الناس يبتدعون ابتداعات في المعاصي والملاهي،
 هذا يؤذي مجتمعأ بأكمله ويقود مجتمع إلى الخسار والانكسار والبوار فانتبهو
الدروس العملية
*توبيخ النفس وتقريعها من أجل حملها على الطاعة.
*الإكثار من وعظها وتذكيرها بالموت والدار الآخرة.
*الإقلال من النوم والأكل والكلام:
                          
فإن مما يعين على تزكية النفس عدم الإكثار من هذه الأمور الثلاثة والإفراط فيها، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله موجبة لقسوة القلب،
وكثرة الأكل موجبة لكثرة النوم،وكثرة النوم
موجبة للعجز والكسل، فضلاً عن أنها مضيعة للعمر.
*التحلي بالصبر واليقين:
فبالصبر ينتصر العبد على شهوات نفسه فيحجزها عن المحرمات ويحبسها على الطاعات.
تطهير النفس من أخلاقها الرذيلة؛ كالرياء والعجب،
والشح والبخل، والحرص والطمع، والأمن من مكر الله.
*ألحوا على الله بهذا الدعاء:
«اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها».
أكثروا من قول ( ربِّ اغفرْ لِي خَطِيئَتي يومَ الدينِ)
عنْ عائشةَ قالتْ قلتُ يا رسولَ اللهِ ابنُ جدعانَ كان يُضيفُ الضيفَ ويطعمُ الطعامَ ويفعلُ ويفعلُ قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يا عائشةُ كيفَ ولمْ يقلْ قطُّ ساعةً مِنْ ليلٍ أوْ نهارٍ ربِّ اغفرْ لِي خَطِيئَتي يومَ الدينِ
*حاسبي نفسك دائما وقبل النوم ،فإنها
إذا غفلت عنها تلبية رغباتها ﻷنها داعية للراحة والعصيان .
  قل (اللهم اني أعوذ بك من جهد البلاودرك الشقاء وشماتة الأعداء)
*أكثري من قول اللهم آت نفسي تقواها  وزكها أنت خير من زكاها .
المصادر
التفسير ... ابن كثير .. السعدي
وقفات وتذكر
د. راغب السرجاني ..د. ناصر العمر .. د. زغلول النجار ..
أسئلة سورة الشمس
لماذا أضيف العقر للجميع مع أن الفاعل واحد ؟
أقسام تزكية النفس
      ......و....
 ما هي أكثر أية أثرت فيك ؟وما الدرس العملي الذي ستقومي به ؟
بالتوفيق حبيباتي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق